Wednesday, July 20, 2011

ريتشارد ستالمان و مشروع غنو......البدايات



كما طلب مني صديقي هاني في تعليقه فانني في هذه المدونة سأضع مقدمة بسيطة عن ريتشارد ستالمان و البرمجيات الحرة.

بعد نهاية الحرب العالمية الثانية..برزت للولايات المتحدة الامريكية امكانية بناء الكمبيوتر "الحاسب الالي" و الاستفادة من قدراته في المجالات العلمية و العسكرية خاصة ان امريكا كانت على شفا دخول الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي، و و بدأت محاولات تطوير الكمبيوتر، و الى جانب تطوير العتاد "Hardware" برزت اهمية تطوير البرامج "Software" و كان البرنامج الاساسي لتطوير الكمبيوتر هو نظام التشغيل "Operating System" و لكن ما اهمية نظام التشغيل؟؟

نظام التشغيل هو تلك الطبقة من البرامج التي تفصل بين "Hardware" و "Software" بمعنى ان نظام التشغيل هي مجموعة من البرامج التي تعمل عمل القنطرة بين البرامج التي نستخدمها في حياتنا اليومية و عتاد الحاسوب، و لنا ان نتخيلها ك مترجم يحول اوامرك اثناء تشغيل برنامج تشغيل الموسيقى الى صيغة يفهمها العتاد حتى يقوم بتشغيل الاغنية التي أردت ان تسمعها، كما انه يحوي مجموعة من البرامج الاساسية المهمة لتوفير بيئة اساسية لعمليات البرمجة و تنصيب البرامج و قابلة للتطوير.

و بالتالي كما يعرف الجميع، بدون نظام تشغيل لا نستطيع استخدام الجهاز ابدا لانه سيفقد الحلقة الاساسية في ربط بياناتك و برامجك بعتاد الحاسب.

بدأت مرحلة تطوير نظام تشغيل يمكن الاعتماد عليه من قبل علماء من عدة مؤسسات امريكية شهيرة هي معهد ماساتشوسس للتقنية MIT و شركة الاتصالات الامريكية AT&T و شركة جنرال الكتريك General Electric و ذلك في نهاية الستينات، و شهد المشروع اخفافات و نجاحات حتى قام "كين تومسون" و هو احد مهندسي مختبرات بيل الامريكية الشهيرة "Bell Laboratories"  بتطوير نظام تشغيل بمساعدة "دينيس ريتشي"، و"دوجلاس مكيلروي" يعرف باسم يونكس "Unix"، ذلك النظام الذي كان سبب ثورة في عالم الحاسب ادت الى تطور صناعة الحاسوب حتى وصلت ما وصلت اليه في ايامنا هذه.

كانت شيفرة "code" النظام متاحة للجميع مما ادى الى قيام شركات امريكية بتطوير نسخها الخاصة من يونكس دون الحصول على اذن مما حذا بمختبرات بيل و شركة AT&T التي ساهمت في تطور المشروع بجعله مغلق المصدر"اي لا يمكن الاطلاع على كود المصدر و بالتالي لام يمكن معرفة كيفية عمل النظام و كيفية برمجته" و من هذه النقطة بالذات.......تلتقي حبال القصة مع ريتشارد ستالمان.

ولد ريتشارد ستالمان في نيويورك عام 1953 و كانت تجربته الاولى مع الحاسب الالي في المرحلة الثانوية و استمرت مع دخوله لجامعة هارفارد و تخرجه منها بتفوق في علم الفيزياءو لكنه مع ذلك اصبع ناشطا في مجال البرمجة و جزءا اصيلا من مجتمع الهاكرز"Hackers"، هذه الكلمة التي كانت في تلك الفترة تعني عباقرة برمجيات الحاسوب و التي تم استخدامها بشكل خاطىء من قبل الاعلام للدلالة على مخترقي الحاسوب فقط.

التحق ستالمان بمعهد ماساتشوسس للتقنية"MIT" و الذي يعتبر افضل جامعة تدرس هندسة الكهرباء و الاتصالات و الحاسوب في العالم، لكنه التحق فيها لاكمال دراساته في الفيزياء و مع مرور الوقت وجد نفسه منشدا لعالم البرمجة مما ادى في نهاية المطاف الى ترك دراسته للفيزياء و التحاقه بمختبر الذكاء الصناعي في MIT.

في نهاية السبعينات بدأت ما تعرف بقضية البرمجيات مغلقة المصدر تتصدر اخبار عالم البرمجة، فقد تحول الحاسوب من جهاز يستخدم للاغراض العلمية و جهاز غير موثوق و كبير الحجم الى اخره من عيوب الحواسيب القديمة الى جهاز يمكن تسويقه تجاريا و الاستفادة منه خصوصا مع تطور الجهاز و صغر حجمه و توضح معالم استخدامه و وجود نظام تشغيل مستقر مثل نظام يونكس.

ادت البرمجيات المغلقة المصدر الى اضمحلال ثقافة الهاكرز الجيدين و لكن ستالمان لم يكن ليسلم بسهولة، حيث ان الموضوع بالنسبة اليه كان مسألة مبدأ و حرية، كان يرى ان عدم تمكين المبرمجين من رؤية اكواد البرامج هو جريمة ضد الانسانية،و هنا لا بد ان اوضح، ستالمان لم يدعو الى توزيع البرامج بالمجان و لكنه يدعو الى عدم تحديد حرية من يشتري البرنامج بعدم تمكينه من قراءة الكود او فهمه و الاستفادة منه و هنا جوهر فكرة البرمجيات الحرة، انك عندما تشتري برنامجا معينا فهو يصبح ملكا لك و بالتالي يجب ان تكون لك الحرية الكاملة في الاستفادة منه و تعديله اذا لزم الامر.

رأى ستالمان ببساطة انه لا يمكنه ان يعكس ما حدث من قبل هذه الشركات و لكنه بالمقابل يمكن ان يرد الضربة بانشاء نظام تشغيل حر يمكن المهندسين من الاستفادة و التعديل فيه و المساهمة و بالتالي عدم خضوعهم لقيود الشركات الكبرى و هذا ما كان.

رأى ستالمان انه لابد ان يبني نظامه بما يتلاءم مع نظام يونكس و ذلك لعدة اسباب اولها ان ينوكس نظام ممتاز و مستقر و منتشر و بالتالي سيكون هناك الكثير من المهندسين حول العالم ممكن يمكنهم المساعدة في بناء النظام و الكثير من المسخدمين الذين لن يحتاجوا الى اي معلومات جديدة لتشغيل النظام بما انهم يعرفون كيفية التعامل مع يونكس.

اراد ستالمان ان يسمي نظامه باسم مميز و فيه نوع من الفكاهة فاختار اسمو "غنو" او "جنو"" GNU" و التي هي اختصار للكلمات التالية "GNU NOT UNIX" "غنو ليس يونكس"  و الغنو كلمة لها معنى فهي تعني حيوان النو  "النًو (باللاتينية:Connochaetes) أو ما يعرف أبضاً بالتيتل الأفريقي جنس من فصيلة البقريات. حيوان مميز الشكل، حيث يجمع بين رأس وقرني الثور، ووجه البقرة، وذيل وشعر الحصان، كما يصدر صوت يشبه صوت ضفدع ضخم."




اعلن عن مشروع غنو في عام 1984 تاركا عمله في مختبر الذكاء الصناعي في MIT، و نتيجة لمبادرته التي انضم اليها الاف المهندسين و المبرمجين من انحاء العالم و خلال بضع سنوات كان نظام غنو جاهزا بشكل شبه كامل للعمل و لكن تنقصه قطعة اساسية و هي النواة "The Kernel".

نواة نظام التشغيل هي الجزء الاساسي المسؤول عن عملية ربط العتاد مع برامج و تطبقات الحاسوب، النواة هي المترجم الاساسي لاوامرك حتى تفهمها اجزاء الحاسوب و تنفذها و ساعود الى النواة في تدوينة اخرى.

في عام 1990كان مشروع جنو يحتاج النواة و تم وضع الخطة لكتابتها وكانت المشكلة ان مشروع غنو اراد تطوير نواة مهندسي جامعة بيركلي في كاليفورنيا المعروفة باسم "BSD" و لكنهم لم يوافقوا على ذلك لانها نظام غنو حر المصدر مما ادى بالمشروع الى استخدام تصميم اخر ادى الى تطور بطيء للغاية لنواة "هيرد" (سألت ستالمان في الندوة على النواة هيرد و يبدو ان مشروع تطويرها قد توقف) .

في تلك الايام كان هناك طالب فنلندي عمره 21 سنة فقط يبرمج نواة على سبيل الهواية، كان اسمه لينوس تورفالدس و كان يريد ان يقضي بعض الوقت في تعلم مهارة جديدة و في نفس الوقت لم يكن راضيا عن اداء نظام التغشيل "Minix" الذي يوجد على جهازه ( نظام التشغيل مينيكس هو نظام طوره البروفسور الامريكي اندرو تاتينباوم لطلابه نتيجة لعدم قدرة الجامعات على استخدام يونكس في تعليم كيفية عمل انظمة التشغيل بعدما اصبح مغلق المصدر)، سمى لينوس بمشروع ب "لينوكس" و وضعه على الانترنت رغبة منه في اعطاء الفرصة لمبرمين اخرين في ابداء ارائهم في عمله و خلال فترة وجيزة كانت النواة جاهزة للاستعمال و متوافقة مع نظام تشغيل جنو ليتم دمجهما في نظام واحد يعرف باسم "جنو لينوكس" و اغلب الناس تعرفه باسم "لينوكس".

يستمر ستالمان في مشاريعه لحث المجتمعات على تبني افكار البرمجيات الحرة و محاربة شركات الاحتكار عن طريق تنقله عبر العالم داعيا الى هذه الافكار، و حاليا يوجد الملايين من المهندسين و المبرمجين و المطورين على مستوى العالم فهذا المشروع وصل الى مرحلة لا يمكن فيها لاحد ان يدعي انه وحده له الفضل في اقامته و لكن مع ذلك تبقى صورة ريتشارد ستالمان راسخة في حياة جميع من شاركوا بصورة او باخرى في هذه المسيرة العظيمة.

No comments:

Post a Comment