Saturday, October 22, 2011

إلى طغاة العالم


اتذكر أثناء الدراسة في المدرسة و تحديدا مادة التربية الاسلامية، كلما كنا ندرس نصا قرآنيا او حديثا شريفا، كان هناك سؤال لابد منه في نهاية كل درس و هو "من توجيهات الايات" او "من توجيهات الحديث الشريف" و مع اختلاف النصوص و عبرها و توجيهاتها، كانت هناك عبارة لا تفتأ تتكرر كثيرا في اغلب التوجيهات و هي "الجزاء من جنس العمل"، كانت تتكرر كثيرا لدرجة انها كانت اول ما افكر به اذا وجدت هذا السؤال في الامتحان. تخطينا مرحلة الدراسة في المدارس و من ثم، الجامعات و لكن هذه العبارة لا تزال تخطر ببالي كثيرا و استغرب ان الكثير من الناس لا يدركون معنى هذا العبارة و لا يدركون القدرة الالهية التي تسير هذه الحياة.

يوم الخميس الماضي كان يوما مجيدا، كان يوم مقتل القذافي، لم أستغرب ابدا لانني كنت منذ اشهر طويلة اتوقع هذه النهاية له،لانه القذافي افسد في الارض 42 عاما عانى فيها الشعب الليبي ويلات من الحرمان و التهميش و الجهل و التخلف و النزوات المريضة و عندما قال هذا الشعب كفى، بدأ القذافي في امعان القتل و الفتك بشباب بلده و كنا يتذكر الصور التي كانت تصل في بدايات ثورة السابع عشر من فبراير و مدى بشاعتها. الامر الذي ادى الى اتجاه الشعب الليبي الى حمل السلاح و حماية الشعب المنتفض و لكن ذلك لم يكون ليجدي نفعا خصوصا مع قلة التدريب و العتاد و التفوق الجوي لكتائب القذافي،و وصلت الامور تقريبا الى حافة الهاوية مع اقتراب جحافل القذافي من بنغازي، الامر الذي ادى الى تدخل حلف الناتو لنجدة الثوار و هنا اريد ان اشدد على التالي:
  • انا لا امجد دور حلف الناتو و اعرف ان وراء الاكمة ما وراها و ان مشاركة الحلف كانت بثمن من موارد الشعب الليبي و لكن موارد الشعب الليبي كانت حكرا على القذافي و ابناءه و بالتالي فالان الامر سيان بالنسبة للشعب الليبي.بل بالعكس، سيتمكن الشعب الليبي من استخدام اغلب موارده في بناء الدولة الجديدة.
  • الجميع يتفق على ان عدم تدخل قوات الناتو و وصول الكتائب الى بنغازي كان سيؤدي الى مذابح و تطهير لمناطق الشرق الليبي و العقيد و ابناءه وجهوا تهديدات بهذا المضمون.
  • تاخر الدول العربية في ردع الطغاة يؤدي الى التدخل الاجنبي و كان الاولى ان يقف العرب بقوة في وجه جبروت القذافي و ها نحن نرى الدور العربي الهزيل في سوريا.
  • الشعب الليبي الذي ضحى ب50 الف قتيل في سبيل الحرية سيضحي مرة اخرى في سبيل السيادة الوطنية اذا فكرت الدول الغربية في استعمار البلاد او استغفال العباد، هذه شعوب لا تعرف للخنوع طريقا و نسيت معنى الخوف الا من رب العباد.
و للاسف فان الكثيرين من الناس العاديين في الشعوب العربية اصبحوا يدعوون للعقيد بالنصر على الكفار و كأن القذافي اصبح حامي حمى الاسلام و هذا للاسف نتيجة عدم قراءة التاريخ و الجهل بالفضائع التي ارتكبها هذا الانسان بحق شعبه و بحق العرب و بحق الدين الذي يدعي البعض انه كان يدافع عنه في حربه ضد الناتو.

فيقرأوا الكتاب الاخضر الذي يدعي القذافي انه افضل من القرآن و يقرأوا تلك البدع و الخزعبلات و ليرجعوا الى الثمانينات حيث امعن القذافي قتلا في ابناء الشعب الليبي و دعم الحركات المتظرفة في العالم التي قتلت الابرياء في شؤق الارض و مغربها و شوه صورة الاسلام و العرب و الليبين عموما.

و مع متابعتي لمقاطع الفيديو على الانترنت وخصوصا موقع يوتيوب، و مشاهدتي العديد و العديد من المقاطع التي تعرض لحظات القاء القبض على القذافي، لاحظت انها قد صورت كلها بكاميرات الهاتف النقال و بايدي الثوار الليبيين و أحسست ان رب العباد وهب الانسان قدرة دمج الكاميرا في الهواتف النقالة حتى يستطيع هؤلاء الثوار ان يخلدوا هذه اللخظة التاريخية، حتي يستطيع كل فرد من الذين كانوا موجودين في مسرح الاحداث ان يخلد الذكرى بطريقته هو و أن ينقل للعالم نهاية هذا الظالم بلا رتوش أو رقابة حتى يصبح آية للناس.

و لكني ايضا اثناء متابعتي هذه اللقطات، استغربت وجود الكثير ممن علقوا أن الثوار خونة و كفار و ان القذافي مجاهد و مقاتل و شجاع و هو الذي كان ينتحب طالبا الرحمة، اخرون قالوا انه كان يجب ان ينقل حيا ليحاكم و ان هذه همجية و اريد ان اقول لهؤلاء جميعا أن يعودوا للتاريخ و يعرفوا جرائم هذا الانسان في شعبه، ماذا كنتم ستفعلون في القذافي لو كان من قتل اباءكم و سرق اموالكم و خرب بلادكم، ماذا كنتم ستفعلون لو عشتم بدايات الثورة و قتل الناس بواسطة المدافع المضادة للطائرات؟؟ و اما عن جهاد القذافي "المسلم" ضد الكفار فارجو ان لا ننسى أصل القذافي اليهودي و ما تدور حوله من شائعات على انه ابن حرام و لا ينتسب فعلا الى قبيلة القذاذفة و ارجو ايضا ان نتذكر تعديه على القرآن و الرسول صلى الله عليه و سلم و الصحابة في اكثر من مناسبة....اريد ان اسأل..هل هذا من الاسلام في شيء؟؟؟

و اما عن همجية القتل و المحاكمة، فأنني لا انكر ان القذافي قتل بلا محاكمة و لكن دعونا يا اخوة نتذكر مقولة "الجزاء من جنس العمل"،و دعونا نفكر في اسباب هذه القتل الوحشي و نؤمن بيد الله في هذه الحادثة، كان قدر الله ان يقتل القذافي بيد ابناء شعبه بعد أن يقع في يديهم و يٌهان و يٌجرب طعم الخوف و "قهر الرجال" الذي مارسه على الليبيين سنين طوالا، كان قدر الله أن يمسك بالقذافي حيا و ان يبقى واعيا ليسمع و يعرف و يحصد ما زرع و يتيقن أخيرا أن الشعب الليبي قد قال "لا" و هو الذي كان ينكر في الاساس وجود المعارضة و وجود الثورة،كان قدر الله ان يقتل القذافي عن طريق"حكم الشعب" الذي ابتدعه العقيد في 1977 ليوهم العالم انه قد تنازل عن الحكم و أن الشعب يحكم نفسه بنفسه، و مرت 42 عاما كان فيها الشعب ليس له فيها من الحكم شيء و كل السلطة كان محصورة في يد القذافي و زمرته، 42 عاما لم يمارس فيها حكم الشعب ابدا الا مرة واحدة، حادثة واحدة فقط، استطاع فيها الشعب ان ينفذ حكمه و كانت هي حادثة القبض على القذافي و اعدامه، كان قدر الله ان يموت القذافي و هو يعرف أن ما قتله هو حكم الشعب الذي ابتدعه طيلة السنين الماضية دون ان ينفذه و كان اول حكم و اخر حكم في سلطة الشعب هو اعدامه.

مشكلة الطغاة أنهم يظنون ان عجلة التاريخ قد توقفت و انهم وكلاء الله على الارض و برغم كل قصص الماضي و اشارات الحاضر الا انهم يصرون على العناد لان غرورهم و نرجسيتهم يٌصوران لهم أنهم مميزون و مختلفون و انهم باقون الى الابد ولا يدرون أن الله واحد و أن عجلة التاريخ مستمرة لتاخذهم الى مزابل التاريخ و لذلك فكل الطغاة يموتون كالجزدان...لان الله ليس بغافل عنهم و لان الله يجعلهم عبر نتذكرها عبر الزمان،فلنتذكر غرق فرعون و هتلر المنتحر في قبو ثكنته و موسوليني الذي قتل على يد الناس في ميلانو شنقا و مُثل بجثته و تشاوسيسكو حاكم رومانيا الذي اعدمه الثوار هو و زوجته بعد محاكمة صورية لم تستمر اكثر من ربع ساعة و إني واثق ان كلا من الطاغيتين" بشار الاسد و علي عبدالله صالح" لو كانا يفهمان لغة الزمان و اشارته لكانا سلما السلطة بمجرد رؤية صور القذافي و نهايته لكنهم صم بكم عمي عن هذه اللغة و تلك الاشارات و لذلك حقت عليهم هذه النهاية باذن الله.




No comments:

Post a Comment